Ismael Martínez Sánchez/ProFuturo
Go to:
أدّى تبني التكنولوجيا الرقمية إلى العديد من التغييرات في مجالَي التعليم والتعلّم. توسّعت مجموعة المهارات الأساسية التي يُتوقع أن يتعلّمها الشباب في المدرسة، على الأقل في البلدان الغنية، لتشمل مجموعةً واسعة من المهارات الجديدة اللازمة لاستكشاف العالم الرقمي. وفي العديد من الفصول الدراسية، استبُدِلَ الورق بشاشات واستبُدِلَت الأقلام بلوحات المفاتيح. ويمكن اعتبار جائحة كوفيد- 19 بمثابة تجربة طبيعية حيث تحوَّل التعلّم الحضوري إلى تعلّم عبر الإنترنت في جميع نُظُم التعليم تقريباً بين ليلة وضحاها. ويمثل التعليم العالي القطاع الفرعي الذي يشهد أعلى معدلات لتبنّي التكنولوجيا الرقمية، حيث يضم منصات الإدارة عبر الإنترنت التي تحل مكان الحرم الجامعي. وارتفع استخدام تحليلات البيانات في إدارة التعليم. وساهمت التكنولوجيا في إتاحة مجموعة واسعة من فرص التعلّم غير النظامي.
مع ذلك، يجب مناقشة إلى أي مدى ساهمت التكنولوجيا في تحويل التعليم. وفي بعض السياقات، يبدو التغيير الناتج عن استخدام التكنولوجيا الرقمية تغييراً تدريجياً وغير متساوٍ وأوسع نطاقاً مقارنةً بسياقاتٍ أخرى. ويتفاوت تطبيق التكنولوجيا الرقمية حسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المحلي، وحسب رغبة المعلمين واستعدادهم، وحسب مستوى التعليم ودخل البلدان. وباستثناء البلدان الأكثر تقدماً تكنولوجياً، يبدو أنَّ أجهزة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية لا تسُتخدَم في الفصول الدراسية على نطاق واسع. ولا يعتبر استخدام التكنولوجيا عالمياً ولن يصبح كذلك في أي وقت قريب. وعلاوة على ذلك، تتباين الأدلة بشأن الأثر المترتب عليها: يبدو أنَّ بعض أنواع التكنولوجيا تؤدي دورا فاعلا في تحسين بعض أنواع التعلّم. ويبدو أنَّ التكاليف القصيرة والطويلة الأجل لاستخدام التكنولوجيا الرقمية قد استُهينَ بها بشكل كبير. وعادةً ما يفتقر الأشخاص الأشد حرماناً إلى فرصة الاستفادة من هذه التكنولوجيا.
عادةً ما يترافق الاهتمام الشديد بتكنولوجيا التعليم مع تكلفة باهظة. إنَّ إنفاق الموارد على التكنولوجيا بدلاً من إنفاقها على الفصول الدراسية والمعلمين والكتب الدراسية لصالح جميع الأطفال في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا المفتقرة إلى هذه الموارد، من المرجح أن يجعل العالم أبعد ما يكون عن تحقيق الهدف العالمي للتعليم المتمثل في الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة. وكفلت بعض بلدان العالم الأكثر ثراءً التعليمَ الثانوي الشامل والحد الأدنى من الكفاءات التعليمية قبل ظهور التكنولوجيا الرقمية. وبمقدور الأطفال التعلّم بدونها.
إلا أنَّ تعليمهم قد لا يكون وثيق الصلة بالقدر نفسه بدون التكنولوجيا الرقمية. يعرِّف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الغرضَ من التعليم بأنَّه تعزيز “التنمية الكاملة لشخصية الإنسان” وتوطيد “احترام الحريات الأساسية” وتعزيز “التفاهم والتسامح والصداقة”. ويتعين أن يساير هذا المفهوم متطلبات العصر. ويمكن للتعريف الموسَّع للحق في التعليم أن يشملَ تقديم دعمٍ فعال من خلال التكنولوجيا وذلك حتى يتسنّى لجميع المتعلّمين تحقيقَ إمكاناتهم، أياً كان السياق أو الظرف.
لا بدّ من وضع أهداف ومبادئ واضحة تكفل أن يكون استخدام التكنولوجيا مفيداً ولا يلحق ضرراً. ينطوي استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال التعليم وفي المجتمع على جوانب سلبية وضارة منها تشتيت الانتباه ونقص الاتصال البشري. وتشكل التكنولوجيا غير المنظمة تهديداً على الديمقراطية وحقوق الإنسان، على سبيل المثال من خلال انتهاك الخصوصية وتحفيز الكراهية. ويتعيَّن أن تكون نُظُم التعليم أفضل استعداداً للتوعية بالتكنولوجيا الرقمية وتقديم التعليم من خلالها، وهي أداة يجب أن تخدم مصالحَ جميع المتعلّمين والمعلمين والإداريين. ومن الضروري مشاركة الأدلة المحايدة التي تظهر أنَّ التكنولوجيا تُستخدَم في بعض الأماكن لتحسين التعليم وعرض أمثلة جيدة عن هذا الاستخدام، على نطاقٍ أوسع بما يكفل أفضل طريقة يمكن من خلالها تقديم التكنولوجيا على نحو ملائم لكل سياق.
هل يمكن للتكنولوجيا أن تساعدَ في التغلّب على أبرز التحديات في مجال التعليم؟
- المساواة والشمول: هل يتماشى إعمال الحق في اختيار التعليم الذي يريده
المرء وتحقيق إمكاناته الكاملة من خلال التعليم مع هدف تحقيق المساواة؟
إن لم يكن كذلك، كيف يمكن للتعليم أن يصبح أكبر عامل لتحقيق المساواة؟ - الجودة: هل يساعد محتوى التعليم وتقديمه المجتمعات في تحقيق أهداف
التنمية المستدامة؟ إن لم يكن كذلك، كيف يمكن للتعليم أن يساعد المتعلّمين
ليس فقط في اكتساب المعرفة بل أيضاً على أن يكونوا عوامل تغيير؟ - الكفاءة: هل الترتيبات المؤسسية الحالية لتعليم المتعلّمين في الفصول
الدراسية تدعم تحقيقَ الإنصاف والجودة؟ إن لم يكن كذلك، كيف يمكن
للتعليم أن يوازِنَ بين التعليم الفردي واحتياجات التنشئة الاجتماعية؟
كيف يمكن إدراج التكنولوجيا الرقمية بشكل أفضل في استراتيجية لمواجهة هذه التحديات، وتحت أية ظروف؟ تجمع حزم التكنولوجيا الرقمية المعلومات وتنقلها على نطاقٍ غير مسبوق بسرعة عالية وبتكلفة منخفضة. ولقد أحدث تخزين المعلومات ثورةً في حجم المعارف المُتاحة. وإنَّ معالجة المعلومات تمكّن المتعلّمين من معرفة ردود الفعل الفورية، وتتيح لهم من خلال التفاعل مع الآلات تكييفَ وتيرة التعلّم ومساره: ويمكن للمتعلّمين تنظيم تسلسل ما يتعلّمونه بما يلائم خلفيتهم وخصائصهم. ويقلل تبادل المعلومات تكلفةَ التفاعل والتواصل. ورغم أنَّ هذه التكنولوجيا تنطوي على إمكاناتٍ هائلة، إلا أنَّ العديد من الأدوات لم تُصمَّم ليتمّ تطبيقها في مجال التعليم. ولم يولَ الاهتمامُ الكافي بكيفية تطبيقها في مجال التعليم، حتى أنَّه قليلاً ما تمَّ التركيز على كيفية تطبيقها في سياقات التعليم المختلفة.
وفي ما يتعلق بمسألة الإنصاف والشمول، تساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخاصة التكنولوجيا الرقمية في خفض تكلفة وصول بعض الفئات المحرومة إلى التعليم: الذين يعيشون في مناطق نائية، والنازحون، والذين يواجهون صعوبات في التعلّم أو يفتقرون إلى الوقت أو فوَّتوا فرص التعليم السابقة. ولكن في حين أنَّ الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية قد توسَّع بسرعة، تبرز فجوات عميقة في ما يتعلق بالوصول. وتمتلك الفئات المحرومة عدداً أقل من الأجهزة، وهي أقل قدرة على الاتصال بالإنترنت )الشكل 1( ولديها موارد أقل في المنزل. وتقل تكلفة الكثير من التكنولوجيا بسرعة إلا أنها ما زالت مرتفعة جداً بالنسبة إلى البعض. ويمكن للأسر المعيشية التي تعيش في وضعٍ أفضل شراءَ التكنولوجيا قبل غيرها، مما يمنحها قدراً أكبر من المزايا ويزيد من الفوارق. ويؤدي عدم المساواة في الاستفادة من التكنولوجيا إلى تفاقم عدم المساواة القائم في الوصول إلى التعليم، وهو أحد أوجه الضعف التي كُشِفَ عنها إبان إغلاق المدارس بسبب جائحة كوفيد- 19.
الشكل 1: <الاتصال بالإنترنت غير متساوٍ للغاية
نسبة الأطفال في الفئة العمرية من 3 إلى 17 عاماً الذين لديهم اتصال بالإنترنت في المنزل، حسب الشريحة الخمسية للثروة، في بلدان مختارة، 2017 – 1 المصدر: قاعدة بيانات اليونيسف.
تمثل جودة التعليم مفهوماً متعدد الأوجه. وتشمل المدخلات الكافية )مثل توافر البنية الأساسية للتكنولوجيا(، والمعلمين الذين تم إعدادهم )مثل معايير المعلمين المتعلقة باستخدام التكنولوجيا في الفصول الدراسية(، والمحتوى ذي الصلة )مثل دمج الدراية الرقمية في المناهج الدراسية( ونتائج التعلّم الفردي )مثل الحد الأدنى من مستوى الكفاءة في القراءة والرياضيات(. بَيْد أنَّ جودة التعليم ينبغي أن تشمل أيضاً النتائج الاجتماعية. ولا يكفي أن يكون الطلاب أوعية متلقية للمعارف فحسب، بل يجب أن يتمتعوا بالقدرة على استخدامها للمساعدة في تحقيق التنمية المستدامة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وتبرز العديد من الآراء حول مدى قدرة التكنولوجيات الرقمية على تحسين جودة التعليم. ويجادل البعض بأنَّ التكنولوجيا الرقمية، من حيث المبدأ، تهيئ بيئات تعليمية نَشِطة، وتحفّز تجارب الطلاب، وتحاكي المواقف، وتيسّر التعاون وتوسع الروابط. إلا أنَّ آخرين يجادلون بأنَّ التكنولوجيا الرقمية تميل إلى دعم نهجٍ فردي إزاء التعليم، مما يقلّل من فرص المتعلّمين في التنشئة الاجتماعية والتعلّم من خلال مراقبة بعضهم البعض في بيئات الحياة الحقيقية. وعلاوةً على ذلك، وكما أنَّ التكنولوجيا الجديدة تتخطى بعض القيود، فإنها تترافق مع مشاكل خاصة بها أيضا.ً وقد ارتبطت زيادة الوقت الذي يُقضى أمام الشاشة بتأثيرٍ سلبي على الصحة الجسدية والعقلية. وإنَّ عدم كفاية الأنظمة في هذا المجال قد أفضى إلى استخدام غير مصرَّح به للبيانات الشخصية لأغراض تجارية. وساعدت التكنولوجيا الرقمية أيضاً في نشر المعلومات الخاطئة وخطاب الكراهية، بما في ذلك من خلال التعليم.
وقد يكون إدخال تحسينات على مستوى الكفاءة أكثر طريقة واعدة تمكّن التكنولوجيا الرقمية من صنع الفرق في مجال التعليم. ويُنظر إلى التكنولوجيا باعتبارها قادرة على تقليل الوقت الذي يقضيه الطلاب والمعلمون في المهام الدنيا، بحيث يمكن استغلال هذا الوقت في أنشطة تعليمية أخرى أكثر جدوى. ومع ذلك، تبرز وجهات نظر متضاربة حول ما يمكن اعتباره أنشطة أكثر جدوى. وتعتبر طريقة استخدام التكنولوجيا في مجال التعليم أكثر تعقيداً من مجرد اعتبارها بديلاً للموارد. وقد تتمثل التكنولوجيا بنهجٍ “من نطاق أحادي الطرف إلى نطاق متعدد الأطراف”، أو بنهجِ “اتصال الأقران بالأقران”. وقد تتطلب من الطلاب التعلّم بمفردهم أو مع الآخرين، أو عبر شبكة الإنترنت أو خارجها، أو بشكلٍ مستقل أو شبكياً. وتوفر المحتوى، وتهيئ المجتمعات المحلية للمتعلّمين، وتربط بين المعلّمين والطلاب. وتتيح الوصول إلى المعلومات. ويجوز استخدامها في التعلّم النظامي أو غير النظامي، ويمكنها تقييم ما جرى تعلّمه. وتسُتخدم كأداة للإنتاجية والإبداع والاتصال والتعاون والتصميم وإدارة البيانات. وقد تكون قابلة للإنتاج بطريقة مهنيّة أو قد تتضمّن محتوىً ينشئه المستخدمون. وقد تكون خاصة بالمدارس أو مرتبطة بمكان محدد أو قد تتجاوز نطاق الزمان والمكان. وكما هو الحال في أي نظام معقد، تنطوي كل أداة من أدوات التكنولوجيا على مكونات فريدة من نوعها تتمثل في البنية الأساسية والتصميم والمحتوى والعملية التعليمية، وقد يدعم كل منها أنواعاً مختلفة من التعلّم.
تتطور التكنولوجيات بسرعة على نحوٍ يسمح بإجراء التقييمات التي يُسترشَد بها في اتّخاذ القرارات المتعلقة بالتشريعات والسياسات والأنظمة. تتَّسم البحوث المتعلقة بتكنولوجيا التعليم بنفس القدر من التعقيد الذي يكتنف التكنولوجيا ذاتها. فالدراسات تقيّم تجارب المتعلّمين من مختلف الأعمار باستخدام منهجيات مختلفة تُطبَّق في سياقات مختلفة مثل الدراسة الذاتية، والصفوف المدرسية والمدارس ذات الأحجام والسمات المختلفة، والبيئات غير المدرسية، وعلى مستوى المنظومة. ولا يمكن تكرار النتائج التي تنطبق في بعض السياقات في أماكن أخرى دائماً. ويمكن استخلاص بعض الاستنتاجات من الدراسات الطويلة الأجل في الوقت الذي تنضج فيه التكنولوجيات، غير أنَّ تدفق المنتجات التكنولوجية الجديدة لا ينتهي. وفي الوقت نفسه، لا يمكن قياس جميع التأثيرات بسهولة نظراً لانتشار التكنولوجيا في كل مكان وتعقيدها واستخدامها وتنوعها. وبإيجاز، بينما صدر الكثير من البحوث العامة حول التكنولوجيا في مجال التعليم، تبدو كمية البحوث المتعلقة بالتطبيقات والسياقات المحددة غير كافية، وهو ما يجعل من الصعب إثبات قدرة تكنولوجيا معينة على تعزيز نوع معين من التعلّم.
لماذا يُعتقد في معظم الأحيان أنَّ التكنولوجيا تستطيع التغلب على التحديات التعليمية الرئيسية؟ لفهم الخطاب حول التكنولوجيا في مجال التعليم، من الضروري النظر إلى ما وراء اللغة المستخدمة من أجل تعزيزها، وإلى المصالح التي تخدمها. من يضع إطاراً للمشاكل التي ينبغي أن تتصدّى لها التكنولوجيا؟ ما هي النتائج المترتبة على هذا الإطار بالنسبة إلى التعليم؟ من يروّج للتكنولوجيا في مجال التعليم باعتبارها شرطاً أساسياً لتحوّل التعليم؟ ما مدى مصداقية هذه الادعاءات؟ ما هي المعايير التي لا بد من وضعها من أجل تقييم مساهمة التكنولوجيا الرقمية الحالية والمحتملة في المستقبل في مجال التعليم بحيث يتسنى المفاضلة بين الغث والسمين منها. هل يمكن للتقييم أن يتجاوزَ التقديرات قصيرة الأجل للتأثيرات المترتبة على التعلّم، وأن يتضمَّن العواقب البعيدة المدى المحتملة للاستخدام العام للتكنولوجيا الرقمية في مجال التعليم؟
المساواة والشمول: الوصول إلى الفئات المحرومة
تتيح مجموعةٌ واسعة من التكنولوجيا التعليمَ للمتعلّمين الذين يصعب الوصول إليهم. وأقد أتاحت التكنولوجيا في الماضي التعليمَ للمتعلّمين الذين يواجهون عقبات كبيرة في الوصول إلى المدارس أو المعلمين المدرَّبين تدريباً جيداً. ويُستخدَم التعليم التفاعلي عبر الإذاعة في حوالي 40 بلداً. وفي نيجيريا، استخدم التعليم عبر الإذاعة جنباً إلى جنب مع المواد المطبوعة والبصرية منذ التسعينيات، حيث وصل إلى ما يقرب من 80 % من البدويين وزاد من مستوى القرائية ومهارات الحساب والمهارات الحياتية لديهم. وساعد التلفزيون في تعليم الفئات المهمَّشة، لا سيَّما في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وساهم برنامج Telesecundaria في المكسيك في زيادة الالتحاق بالمدارس الثانوية بنسبة 21 %، علماً أنَّه يجمع بين الدروس التلفزيونية والدعم داخل الفصول الدراسية وتدريب المعلِّمين على نطاقٍ واسع. واستُخدِمت أجهزة التعلّم المحمولة، التي غالباً ما تُعدّ النوع الوحيد من الأجهزة المُتاحة للمتعلّمين المحرومين في المناطق التي يصعب الوصول إليها وفي حالات الطوارئ، من أجل تبادل المواد التعليمية، واستكمال قنوات التعلّم الحضورية أو عن بعُد، وتعزيز التفاعلات بين الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، لا سيَّما في خضم جائحة كوفيد- 19 . وشكّل البالغون الهدفَ الرئيسي للتعلُّم عن بُعد عبر الإنترنت، حيث زادت الجامعات المفتوحة من مشاركة كلٍّ من البالغين العاملين والمحرومين.
تدعم التكنولوجيا الشاملة إمكانيةَ الوصول والتخصيص للمتعلّمين ذوي الإعاقة. تقضي التكنولوجيا المساعِدة على حواجز التعلّم والتواصل، حيث تشير العديد من الدراسات إلى تحقق تأثير إيجابي كبير على الانخراط الأكاديمي للمتعلمّين ذوي الإعاقة ومشاركتهم الاجتماعية ورفاههم. ومع ذلك، ما زالت هذه الأجهزة غير متاحة وغير ميسورة التكلفة في كثيرٍ من البلدان، وغالباً ما يفتقر المعلِّمون إلى التدريب المتخصّص لاستخدامها بفعالية في بيئات التعلّم. وفي حين دأب الأشخاص ذوو الإعاقة على الاعتماد حصرا على الأجهزة المتخصِّصة للوصول إلى التعليم، باتت منصات وأجهزة التكنولوجيا تعتمد أكثر فأكثر على تضمين ميزات الوصول التي تدعم التعلّم الشامل والشخصي لجميع الطلاب.
تدعم التكنولوجيا الشاملة إمكانيةَ الوصول والتخصيص للمتعلّمين ذوي الإعاقة. تقضي التكنولوجيا المساعِدة على حواجز التعلّم والتواصل، حيث تشير العديد من الدراسات إلى تحقق تأثير إيجابي كبير على الانخراط الأكاديمي للمتعلمّين ذوي الإعاقة ومشاركتهم الاجتماعية ورفاههم. ومع ذلك، ما زالت هذه الأجهزة غير متاحة وغير ميسورة التكلفة في كثيرٍ من البلدان، وغالباً ما يفتقر المعلِّمون إلى التدريب المتخصّص لاستخدامها بفعالية في بيئات التعلّم. وفي حين دأب الأشخاص ذوو الإعاقة على الاعتماد حصرا على الأجهزة المتخصِّصة للوصول إلى التعليم، باتت منصات وأجهزة التكنولوجيا تعتمد أكثر فأكثر على تضمين ميزات الوصول التي تدعم التعلّم الشامل والشخصي لجميع الطلاب.
دعمت التكنولوجيا التعلّم خلال جائحة كوفيد- 19 ، غير أنها تركت الملايين خلف الركب. إبان إغلاق المدارس، نفذت 95 % من وزارات التعليم شكلا من أشكال التعليم عن بعُد، إذ يرُجَّح أن يكون قد استفاد منه أكثر من مليار طالب في جميع أنحاء العالم. وتم تطوير العديد من الموارد المستخدمة في أثناء الجائحة لأول مرة استجابةً لحالات الطوارئ السابقة أو للتعليم في المناطق الريفية، واعتمدت بعض البلدان على عقود من الخبرة في مجال التعلّم عن بعُد. وأعادت سيراليون إحياءَ “برنامج التدريس عبر الإذاعة”، الذي تمَّ تطويره خلال أزمة الإيبولا عقب أسبوعٍ واحد من إغلاق المدارس. ووسعت المكسيك محتوى برنامجها Telesecundaria ليشمل مستويات التعليم كافة. ومع ذلك، تعذَّر الوصول إلى ما لا يقل عن نصف مليار طالب أو %31 من الطلاب عبر التعليم عن بُعد في جميع أنحاء العالم – معظمهم من أشد الفئات فقراً ) 72 %( وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية ) 70 %(. وعلى الرغم من أنَّ 91 % من البلدان استخدمت منصات التعليم عبر الإنترنت لتقديم التعليم عن بعُد أثناء إغلاق المدارس، إلا أنَّ المنصات لم تصل سوى إلى ربع الطلاب على الصعيد العالمي. أما بالنسبة إلى البقية، فقد تمّت الاستعانة إلى حدٍّ كبير بتدخلات منخفضة التكنولوجيا مثل الإذاعة والتلفزيون، إلى جانب المواد الورقية والهواتف المحمولة من أجل زيادة التفاعلية.
تعكف بعض البلدان على توسيع المنصات القائمة للوصول إلى الفئات المهمشة. وأقل من نصف جميع البلدان وضعت استراتيجيات طويلة الأجل من أجل زيادة قدرتها على الصمود واستدامة التدخلات كجزءٍ من خطط الاستجابة لجائحة كوفيد- 19 . وهجر كثير منها منصات التعليم عن بُعد التي تم تطويرها إبان جائحة كوفيد- 19 ، في حين تعكف بلدانٌ أخرى على إعادة استخدامها للوصول إلى المتعلّمين المهمشين. وعند اندلاع الحرب في أوكرانيا في عام 2022 ، تمَّ توسيع نطاق المنصة الرقمية التي أُنشِئَت خلال الجائحة، ما سمح ل 85 % من المدارس بإكمال العام الدراسي.

الإنصاف والشمول: الوصول إلى المحتوى
تيسّر التكنولوجيا إنشاءَ المحتوى وتكييفه. تشجع الموارد التعليمية المفتوحة على إعادة استخدام المواد وإعادة توظيفها من أجل تقليص الوقت المطلوب لتطويرها وتجنُّب تكرار العمل عدّة مرات وبُغية جعل المواد أكثر ملاءمة للسياق أو ذات صلة بالتعلّم. كما أنها تقلّل بشكلٍ كبير من تكلفة الوصول إلى المحتوى. وفي ولاية داكوتا الشمالية في الولايات المتحدة، ساهم استثمارٌ أوَّلي بقيمة 110,000 دولار أمريكي للانتقال إلى الموارد التعليمية المفتوحة في توفير أكثر من مليون دولار أمريكي من تكاليف الطلاب. وتزيد وسائل التواصل الاجتماعي من فرص الوصول إلى المحتوى الذي ينشئه المستخدمون. ومن بين أفضل 113 جامعة في العالم، تعمد 80 % منها إلى استخدام موقع “يوتيوب” الذي يُعدُّ عنصراً رئيسياً في التعليم النظامي وغير النظامي. وعلاوة على ذلك، يمكن للأدوات الرقمية التعاونية أن تحسّن التنوع والجودة في إنشاء المحتوى. وفي جنوب أفريقيا، دعمت مبادرة Siyavule تعاون المعلمين في إنشاء كتب مدرسية لمرحلتَي التعليم الابتدائي والثانوي.
تساهم رقمنة المحتوى التعليمي في تبسيط الوصول والتوزيع. وقد عمدت بلدانٌ عديدة بما فيها بوتان ورواندا إلى تطوير إصدارات رقمية ثابتة من الكتب المدرسية التقليدية بغُْيَة زيادة توافرها. وطوَّرت دولٌ أخرى بما فيها الهند والسويد كتباً مدرسية رقمية تشجّع على التفاعل والتعلّم متعدد الأشكال. وإنَّ المكتبات الرقمية ومستودعات المحتوى التعليمي مثل المكتبة الوطنية الأكاديمية الرقمية في إثيوبيا والمكتبة الرقمية الوطنية في الهند ومبادرة المعلمين في بنغلاديش تساعد المعلمين والمتعلّمين على إيجاد المواد ذات الصلة. أمّا منصات إدارة التعلّم التي أصبحت جزءاً رئيسياً من بيئة التعلّم المعاصرة فتساعد في تنظيم المحتوى من خلال دمج الموارد الرقمية في بنية الدورات الدراسية.
تساعد وسائل الوصول المفتوح في التغلب على الحواجز . ويمكن للجامعات المفتوحة والدورات الشبكية المفتوحة الحاشدة أن تقضي على حواجز الوقت والموقع والتكلفة التي تحول دون الوصول. وفي إندونيسيا، والتي يُعزى انخفاض المشاركة في التعليم الجامعي فيها إلى حدٍّ كبير إلى التحديات الجغرافية، تؤدي الدورات الشبكية المفتوحة الحاشدة دورا هاما في توسيع نطاق الوصول إلى التعليم ما بعد الثانوي. وإبّان جائحة كوفيد- 19 ، زاد الالتحاق بالدورات الشبكية المفتوحة الحاشدة، حيث أضاف أهم ثلاثة من مقدِّمي الخدمات عدداً كبيراً من المستخدمين في نيسان/أبريل 2020 على غرار ما حدث في عام 2019 . ويمكن للتكنولوجيا أيضاً أن تزيل الحواجز اللغوية. وتساعد أدوات الترجمة في ربط المعلمين والمتعلّمين من مختلف البلدان وزيادة إمكانية الوصول إلى الدورات الدراسية مِن قِبل الطلاب الأجانب.
من الصعب ضمان جودة المحتوى الرقمي وتقييمه. وتشكل الكمية الكبيرة للمحتوى وإنتاجه اللامركزي تحديات لوجستية أمام التقييم. وتم تنفيذ العديد من الاستراتيجيات الرامية إلى معالجة ذلك. ووضعت الصين معايير نوعية محدَّدة للاعتراف بالدورات الشبكية المفتوحة الحاشدة على الصعيد الوطني. وطور الاتحاد الأوروبي علامة الجودة الخاصة به ” .”OpenupED وعزَّزت الهند العلاقة بين التعليم غير النظامي والتعليم النظامي. وتُستخدَم الشهادات المصغَّرة بشكلٍ متزايد لضمان استيفاء المعايير الدنيا مِن قِبل كلّ من المؤسسات والمتعلّمين. وتهدف بعض المنصات إلى تحسين الجودة من خلال إعادة مركزية إنتاج المحتوى. وعمد موقع “يوتيوب” مثلا إلى توجيه التمويل والموارد إلى عددٍ قليل من مقدِّمي الخدمات الموثوق بهم وإبرام شراكات مع المؤسسات التعليمية الراسخة.
قد تساهم التكنولوجيا في تعزيز عدم المساواة القائمة على مستوى الوصول إلى المحتوى وإنتاجه. ولا تزال الفئات المتميّزة تنتج معظم المحتوى. وخلصت دراسةٌ أجريت لمستودعات التعليم العالي التي تضم مجموعات الموارد التعليمية المفتوحة إلى أنَّ ما يقرب من 90 % منها قد أُنشِئَت في أوروبا أو أمريكا الشمالية؛ وأنَّ 92 % من المواد في المكتبة العالمية لمشاع الموارد التعليمية المفتوحة متاحة باللغة الإنجليزية. ويؤثر هذا على من يحظون بالوصول إلى المحتوى الرقمي. فعلى سبيل المثال، تعود الدورات الشبكية المفتوحة الحاشدة بالفائدة بشكل رئيسي على طلاب ذوي تحصيل علمي معيَّن – أظهرت الدراسات أن حوالي 80 % من المشاركين في المنصات الرئيسية يحملون بالفعل درجة جامعية – ومشاركين من البلدان الأكثر ثراءً. ويرجع هذا التباين إلى الانقسامات في المهارات الرقمية، والوصول إلى الإنترنت، واللغة، وتصميم الدورات. وتتكيَّف برامج الدورات الشبكية المفتوحة الحاشدة الإقليمية مع الاحتياجات واللغات المحلية، ولكنّها قد تؤدي أيضا إلى تفاقم عدم المساواة.
التدريس والتعلّم
انتشار استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الفصول الدراسية ليس مرتفعاً، حتى في أغنى البلدان في العالم. وجدت دراسة أجراها برنامج التقييم الدولي للطلاب في عام 2018 أنَّ حوالي 10 % فقط من الطلاب البالغين من العمر 15 عاماً في أكثر من 50 نظاماً تعليمياً مشاركاً استخدموا الأجهزة الرقمية لأكثر من ساعة في الأسبوع في فصول الرياضيات والعلوم، في المتوسط )الشكل 2(. وأظهرت “دراسة بشأن الإلمام بالحاسوب والدراية المعلوماتية على الصعيد الدولي” ) ICILS ( لعام 2018 أنَّه في النُّظُم التعليمية المشاركة البالغ عددها 12 ، كانت برمجيات المحاكاة والنمذجة في الفصول الدراسية متاحة لأكثر من ثلث الطلاب، وتراوحت المستويات القُطرية من 8% في إيطاليا إلى 91 % في فنلندا.
الشكل 2:
حتى في البلدان المتوسّطة الدخل من الشريحة العليا والبلدان المرتفعة
الدخل، كان استخدام التكنولوجيا في فصول الرياضيات والعلوم محدوداً
نسبة الطلاب البالغين من العمر 15 عاماً الذين استخدموا الأجهزة الرقمية لمدة ساعة واحدة على الأقل في الأسبوع في فصول الرياضيات أو العلوم في الفصول الدراسية، في بعض البلدان متوسطة الدخل من الشريحة العليا والبلدان المرتفعة الدخل، 2018 المصدر: قاعدة بيانات برنامج التقييم الدولي للطلاب 2018.
يمكن أن تعالج الدروس المسجَّلة فجوات جودة المعلمين وأن تحسّن تخصيصَ وقت المعلمين. وفي الصين، تمَّ تقديم تسجيلات الدروس من المعلمين في المناطق الحضرية ذوي الجودة العالية إلى 100 مليون طالب في المناطق الريفية. وأظهر تقييم الأثر تحسُّناً في مهارات اللغة الصينية بنسبة %32 وانخفاضاً طويل الأجل بنسبة 38 % في فجوة الدخل بين المناطق الريفية والحضرية. غير أنَّه لا يكفي مجرد تقديم المواد من دون وضعها في سياقها وتوفير الدعم اللازم. وفي بيرو، قام برنامج “حاسوب محمول واحد لكل طفل” ) One Laptop Per Child ( بتوزيع أكثر من مليون حاسوب محمول محمَّل بالمحتوى على الأطفال، غير أنَّ ذلك لم يترك أي تأثير إيجابي على التعلّم، ويعزى ذلك جزئياً إلى التركيز على توفير الأجهزة بدلاً من التركيز على جودة التكامل التربوي.
يمكن أن يساهم تحسين التعليم بمساعدة التكنولوجيا، إلى جانب التخصيص، في تحسين بعض أنواع التعلّم. وتولِّد البرمجيات التكيُّفية المخصَّصة تحليلات من شأنها أن تساعد المعلمين في تتبع التقدم الذي يحرزه الطلاب، وتحديد أنماط الأخطاء، وتوفير تعليقات متباينة، وتخفيف عبء العمل في المهام الروتينية. وأظهرت التقييمات التي تناولت استخدام البرمجيات التكيُّفية المخصَّصة في الهند مكاسبَ التعلّم في بيئات ما بعد المدرسة ولدى المتعلّمين ذوي أداء منخفض. ومع ذلك، إنَّ جميع التدخلات البرمجية المستخدمة لا تشمل أدلةً قوية على آثارها الإيجابية مقارنةً بالتدريس بقيادة المعلم. وأشار تحليلٌ تلوي للدراسات المتعلقة بنظام التعلّم والتقييم بالذكاء الاصطناعي الذي استخدمه أكثر من 25 مليون طالب في الولايات المتحدة، أنَّه لم يكن أفضل من التدريس التقليدي في الفصول الدراسية من حيث تحسين النتائج.
يمكن للتفاعل والتمثيل البصري أن يعزّز مشاركة الطلاب. خلص تحليلٌ تلوي ل 43 دراسة نشُِرَت من عام 2008 إلى عام 2019 إلى أنَّ الألعاب الرقمية ساهمت في تحسين النتائج المعرفية والسلوكية في الرياضيات. ويمكن للوحات البيضاء التفاعلية أن تدعمَ التدريس والتعلّم متى تمَّ دمجها بشكلٍ جيد في العملية التعليمية؛ بَيْد أنَّه في المملكة المتحدة، وعلى الرغم من اعتمادها على نطاقٍ واسع، فقد استُخدِمَت غالباً كبديلٍ للسبورات. أمّا الواقع المعزَّز أو المختلط أو الافتراضي المستخدَم كأداة للتعلّم التجريبي من أجل إجراء تمارين متكرِّرة في ظروف مشابهة للحياة الطبيعية ضمن المواد التقنية والمهنية والعلمية، فلم يحقق نتائجَ بنفس القدر من الفعالية كالتدريب في الحياة الحقيقية، إلا أنَّه قد يتفوَّق على الأساليب الرقمية الأخرى مثل عروض الفيديو.
توفر التكنولوجيا للمعلمين أساليبَ ملائمة ومنخفضة التكلفة من أجل التواصل مع أولياء الأمور. استهدفت مبادرة التعليم عن بُعد برعاية “المعهد الكولومبي لرفاه الأسرة” 1.7 مليون طفل محروم واعتمدت على منصات التواصل الاجتماعي من أجل تقديم الإرشادات إلى مقدِّمي الرعاية حول الأنشطة التربوية في المنزل. ومع ذلك، يبدو تنفيذ التدخلات السلوكية التي تستهدف مقدِّمي الرعاية والتأثير المترتب عليها محدوداً نتيجةً لمستويات التعليم لدى أولياء الأمور وكذلك نتيجة لنقص الوقت والموارد المادية.
قد يؤدّي استخدام الطلاب للتكنولوجيا في الفصول الدراسية وفي المنزل إلى تشتيت انتباههم وتعطيل التعلّم. وخلص تحليلٌ تلوي للبحوث حول استخدام الطلاب للهواتف المحمولة وتأثيرها على نتائج التعليم، يشمل الطلاب من مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي حتى التعليم العالي في 14 بلداً، إلى تأثير سلبي صغير، وأشار إلى حدوث تأثير أكبر على مستوى الجامعة. وتشير الدراسات التي تستخدم بيانات برنامج التقييم الدولي للطلاب إلى وجود ارتباطٍ سلبي بين استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأداء الطلاب بما يتجاوز عتبة الاستخدام المعتدل. ويرى المعلمون أنَّ استخدام الأجهزة اللوحية والهواتف يعُيق إدارة الفصل الدراسي. ووافق أكثر من واحد من كل ثلاثة معلمين في سبعة بلدان شاركت في “دراسة بشأن الإلمام بالحاسوب والدراية المعلوماتية على الصعيد الدولي” ) ICILS ( لعام 2018 على أن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الفصول الدراسية يشتت انتباه الطلاب. ويعتمد التعلّم عبر الإنترنت على قدرة التنظيم الذاتي لدى الطلاب وقد يعرّض المتعلّمين ذوي الأداء المنخفض والشباب إلى خطر متزايد بعدم المشاركة.
المهارات الرقمية
ما برح تعريف المهارات الرقمية يتطور جنباً إلى جنب مع التكنولوجيا الرقمية. يظهر تحليلٌ لهذا التقرير أنَّ 54 % من البلدان قد حدَّدت معايير المهارات الرقمية الخاصة بالمتعلّمين. ويتضمَّن إطار الكفاءة الرقمية للمواطنين ) DigComp ( الذي تمَّ تطويره لمصلحة المفوضية الأوروبية خمسةَ مجالاتٍ للكفاءة: الإلمام بالمعلومات والبيانات، والتواصل والتعاون، وإنشاء المحتوى الرقمي، والسلامة، وحل المشاكل. واعتمدت بعض البلدان أُطُرَ المهارات الرقمية التي طوَّرتها جهات غير حكومية، والتي يتبع معظمها القطاعات التجارية. وما زال يرُوَّج لِ “رخصة قيادة الحاسوب الدولية” باعتبارها “معياراً للمهارات الرقمية” غير أنها مرتبطة بشكلٍ رئيسي بتطبيقات مايكروسوفت. وقد وافقت كينيا وتايلند على “رخصة قيادة الحاسوب الدولية” باعتبارها معياراً للإلمام بالتكنولوجيا الرقمية في ما يتعلق باستخدام التكنولوجيا في المدارس.
المهارات الرقمية موزعة توزيعاً غير متساوٍ. وفي بلدان الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 ، يتمتع 54 % من البالغين بمهارات رقمية أساسية على الأقل في عام 2021 . أمّا في البرازيل، يتمتع 31 % من البالغين بمهارات أساسية على الأقل، غير أنَّها بلغت الضعف في المناطق الحضرية مقارنةً بالمناطق الريفية، وتعتبر أعلى بثلاثة أضعاف بين أفراد القوى العاملة مقارنةً مع الأفراد غير العاملين، وأعلى بتسعة أضعاف في الفئة الاجتماعية الاقتصادية العليا مقارنةً بالفئتَين السفليَّتَين. وتُعتبر الفجوة بين الجنسَين في مجال المهارات الرقمية فجوة صغيرة إجمالاً، إلا أنَّها تتّسع عندما يتم النظر في مهارات محدَّدة. وفي 50 بلداً، يتمتع 6.5 % من الرجال و 3.2 % من النساء بالقدرة على كتابة برنامج حاسوبي. وفي بلجيكا والمجر وسويسرا، اقتصرت القدرة على البرمجة على امرأتَين مقابل كل 10 رجال؛ أمّا في ألبانيا وماليزيا وفلسطين، فتتمتع 9 نساء مقابل كل 10 رجال بالقدرة على البرمجة. ووفقا لبرنامج التقييم الدولي للطلاب لعام 2018 ، كان 5% من الأطفال البالغين من العمر 15 عاما ممن يملكون أفضل مهارات القراءة و 24 % من أولئك الذين يملكون أضعف مهارات القراءة معرَّضين لخطر أن يتمَّ تضليلهم بواسطة رسائل التصيّد الإلكتروني المعتادة.
قد لا يشكّل التدريب النظامي على المهارات السبيلَ الرئيسي لاكتساب المهارات الرقمية. واكتسب ما يقرب من ربع البالغين في دول الاتحاد الأوروبي، بدءا من 16 % في إيطاليا إلى 40 % في السويد، مهارات رقمية من خلال مؤسسة تعليمية رسمية. واستخدم ضعفُ هذا العدد التعليمَ غير النظامي، مثل الدراسة الذاتية والمساعدة غير الرسمية من الزملاء والأقارب والأصدقاء. غير أنَّ التعليم النظامي مهم: ففي عام 2018 ، كان المشاركون في التعليم الجامعي في أوروبا أكثر إقبالاً ) 18 %( على المشاركة في التدريب الشبكي المجاني أو الدراسة الذاتية لتحسين استخدام الحاسوب أو البرمجيات أو التطبيقات، مقارنةً بالمشاركين في المرحلة العليا من التعليم الثانوي ) %9 (. ويرتبط الإتقان القوي لمهارات القراءة والكتابة والحساب ارتباطا إيجابياً بإتقان بعض المهارات الرقمية على الأقل.
أظهر تخطيطٌ لمحتوى المناهج الدراسية في 16 نظاماً تعليمياً أنَّ اليونان والبرتغال خصَّصتا أقل من 10 % من المناهج الدراسية للإلمام بالبيانات والدراية الإعلامية، في حين أدرجت إستونيا وجمهورية كوريا كلّّاً منهما في نصف مناهجهما. وفي بعض البلدان، ترتبط الدراية الإعلامية في المناهج الدراسية بشكل صريح بالتفكير النقدي في تخصُّصات المواد، كما هو الحال في ظل “نموذج المدرسة الجديدة في جورجيا”. وتتبع آسيا نهجاً حمائياً في مجال الدراية الإعلامية بحيث يولي الأولوية للرقابة على المعلومات أكثر من التعليم. أمّا في الفلبين، فقد نجحت “جمعية الدراية الإعلامية والمعلوماتية” في مناصرة إدراج الدراية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج الدراسية، وهي تعتبر الآن مادة أساسية في الصفَّين 11 و 12.
تعتبر المهارات الرقمية في مجالَيْ التواصل والتعاون هامة في ترتيبات التعلّم المختلط. وعزَّزت الأرجنتين مهارات العمل الجماعي في إطار منصّة لمنافسات البرمجة والروبوتات في مرحلتَي التعليم الابتدائي والثانوي. وتقدِّم المكسيك للمعلمين والطلاب مواردَ وأدوات تعليمية رقمية في مجالات التعاون عن بعُد والتعلّم بين الأقران وتبادل المعارف. ويتضمَّن السلوك الرقمي الأخلاقي القواعدَ والاتفاقيات والمعايير التي لا بد للمستخدمين الرقميين تعلّمها وفهمها وممارستها عند استخدام المساحات الرقمية. وقد يصعب على الأفراد فهم التعقيدات المرتبطة بالهوية الرقمية نظراً إلى عدم الكشف عن الهوية في الاتصالات الرقمية، وعدم وضوحها وعدم تزامنها والحد من سلطتها. تتضمَّن الكفاءات في إنشاء المحتوى الرقمي اختيارَ تنسيقات التقديم المناسبة وإنشاء النسخ والأصول الصوتية وأصول الفيديو والأصول البصرية؛ ودمج المحتوى الرقمي؛ واحترام حقوق الطبع والنشر والترخيص. وساهم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على نطاقٍ واسع في تحويل إنشاء المحتوى إلى مهارة ذات تطبيق مباشر في مجال التجارة الإلكترونية. وفي إندونيسيا، تنظر منصة Siberkreasi إلى المشاركة التعاونية باعتبارها جزءاً من أنشطتها الأساسية. ويتعاون مجلس حقوق الطبع والنشر في كينيا بشكل وثيق مع الجامعات من أجل توفير التعليم في مجال حقوق الطبع والنشر، وينظّم دورات تدريبية متكرِّرة للطلاب في مجال الفنون البصرية ومجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
تتطلّب نُظُم التعليم تعزيزَ التدابير الوقائية والاستجابة للعديد من التحديات المتعلقة بالسلامة، من كلمات المرور إلى الموافقات، ممّا يساعد المتعلّمين في فهم الآثار المترتبة على وجودهم على الإنترنت وبصمتهم الرقمية. وفي البرازيل، أجرت 29 % من المدارس مناقشات أو نظمت محاضرات حول الخصوصية وحماية البيانات. وفي نيوزيلندا، يوفّر برنامج Te Mana Tūhono )قوة الاتصال( خدمات الحماية والأمن الرقمي إلى ما يقرب من 2,500 مدرسة حكومية ومدرسة متكاملة مع الدولة. وقدَّر استعراضٌ منهجي للتدخلات في أستراليا وإيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة أنَّ البرنامج حظيَ في المتوسط بفرصة بنسبة 76 % للحد من ارتكاب التنمر السيبراني. وفي ويلز بالمملكة المتحدة، نصحت الحكومة المدارس بكيفية الاستعداد والاستجابة للمحتوى الفيروسي الضار على الإنترنت والخدع.
يختلف تعريف مهارات حل المشاكل اختلافاً كبيراً بين نُظُم التعليم. وتنظر العديد من البلدان إلى هذه المهارات من حيث الترميز والبرمجة وكجزءٍ من منهج علوم الحاسوب الذي يتضمَّن التفكيرَ الحسابي واستخدام الخوارزميات والأتمتة . ويقدِّر استعراضٌ عالمي أنَّ 43 % من الطلاب في البلدان المرتفعة الدخل و 62 % في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا و 5% في البلدان متوسطة الدخل من الشريحة السفلى يتعاملون مع علوم الحاسوب باعتبارها إلزامية في التعليم الابتدائي و/أو الثانوي، علما أنَّه لم يسجَّل أي طالب في هذا المجال ضمن البلدان المنخفضة الدخل. وتتطلب 20 % فقط من نظم التعليم من المدارس أن تقدم علوم الحاسوب كمقرر اختياري أو أساسي. وغالباً ما تدعم الجهات الفاعلة غير الحكومية مهارات الترميز والبرمجة. وفي تشيلي، تعاونت منظمة Code.org مع الحكومة لتوفير موارد تعليمية في علوم الحاسوب.
إدارة التعليم
تركّز نظُُم معلومات إدارة التعليم على الكفاءة والفعالية. اتسَّمت الإصلاحات التي أجُرِيَت في مجال التعليم بزيادة استقلالية المدارس وتحديد الأهداف والأداء القائم على النتائج، وتتطلَّب جميعها مزيداً من البيانات. وبالاستعانة بمقياسٍ واحد، ومنذ تسعينيات القرن الماضي، زاد عدد السياسات التي تشير إلى البيانات والإحصاءات والمعلومات بنحو 13 ضعفاً في البلدان المرتفعة الدخل، وبنحو 9 أضعاف في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، وبنحو 5 أضعاف في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. غير أنَّ 54 % فقط من البلدان في العالم و 22 % فقط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لديها آليات هوية فريدة للطلاب.
تدعم البيانات الجغرافية المكانية إدارةَ التعليم. وتساعد نُظُم المعلومات الجغرافية في معالجة الإنصاف والكفاءة في البنية الأساسية، وكذلك في معالجة توزيع الموارد في نظُُم التعليم. وتم استخدام خرائط مواقع المدارس من أجل تعزيز التنوع والحد من عدم المساواة في الفرص. وتربط أيرلندا ثلاثةَ قواعد بيانات لتحديد أين يجب بناء مدارس جديدة في 314 منطقة خاضعة للتخطيط. وتساعد البيانات الجغرافية المكانية في تحديد المناطق التي يعيش فيها الأطفال بعيداً جداً عن أقرب مدرسة. فعلى سبيل المثال، أشارت التقديرات إلى أنَّ 5% من سكان غواتيمالا و 41 % من سكان جمهورية تنزانيا المتحدة يعيشون على بُعد أكثر من 3 كيلومترات من أقرب مدرسة ابتدائية.
نُظُم معلومات إدارة التعليم تعاني من أجل الحصول على بيانات متكاملة. وفي عام 2017 ، استحدثت ماليزيا مستودعَ بيانات التعليم كجزءٍ من “خطة تحوُّل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات” 2019 – 23 بغُْيَة دمج 350 نظاماً من نُظُم بيانات التعليم والتطبيقات المنتشرة في جميع المؤسسات تدريجياً. وبحلول عام 2019 ، كانت ماليزيا قد قامت بدمج 12 نظاماً من نُظُم البيانات الرئيسية، وتخطّط إلى تحقيق الاندماج الكامل من خلال منصة بيانات واحدة بحلول نهاية عام 2023 . وفي نيوزيلندا، كانت المدارس تشتري نظُُم إدارة الطلاب بشكلٍ مستقل، ولكن الافتقار إلى قابلية التشغيل البيني حال دون قيام السلطات بتتبع التقدم الذي أحرزه الطلاب. وفي عام 2019 ، بدأت الحكومة في إنشاء “المستودع الوطني للمتعلّمين وتبادل البيانات” المقرَّر استضافته في مراكز البيانات السحابية، ولكن تم إيقاف نشره في عام 2021 بسبب مخاوف متعلقة بالأمن السيبراني. وما برحت البلدان الأوروبية تتصدّى للمخاوف المتعلقة بقابلية التشغيل البيني بشكل جماعي من أجل تيسير تبادل البيانات بين البلدان وعبر تطبيقات متعددة تُستخدَم في مجال إدارة التعليم العالي من خلال مشروع “إمريكس” ) .)
تم استبدال العديد من التقييمات الورقية بتقييمات إلكترونية واختبارات تكيُّفية على الحاسوب. فهي تقلِّل من تكاليف إدارة الاختبارات وتحسِّن جودة القياس وتحتسب النتيجة سريعاً. ومع التحوُّل إلى إجراء مزيدٍ من الاختبارات عبر الإنترنت، ازدادت الحاجة إلى أدوات الكشف عن الغش عبر الإنترنت ومراقبته. وفي حين أنه يمكن لهذه الأدوات أن تحد من الغش، ينبغي قياس فعاليتها مقارنةً بعدالتها وآثارها النفسية. وقد بدأت تظهر الأدلّة على جودة وفائدة التقييمات القائمة على التكنولوجيا، على الرغم من توافر القليل جداً من المعلومات عن كفاءة التكلفة. ومن بين 34 بحثاً أُجرِيَ حول التقييمات القائمة على التكنولوجيا تم استعراضها لهذا التقرير، كان ثمة نقص في البيانات الشفافة حول التكلفة.
تحليلات التعلّم تزيد من التعقيبات التكوينية وتمكّن نُظُمَ الكشف المبكر. وفي الصين، استُخدِمَت تحليلات التعلّم من أجل تحديد الصعوبات التي يواجهها المتعلّمون، والتنبؤ بمسارات التعلّم، وإدارة موارد المعلمين. وفي الولايات المتحدة، يسُتخدَم نظام “كورس سيجنالز” ) Course Signals ( للإشارة إلى احتمال رسوب الطالب في أي دورة دراسية؛ ويمكن بعدئذٍ للمعلمين استهداف الطالب المعني من أجل منحه دعماً إضافياً. ومع ذلك، تتطلب تحليلات التعلّم من جميع الجهات الفاعلة أن يكون لديها دراية كافية بالبيانات. وعادةً ما تمتلك نُظُم التعليم الناجحة قدرةً استيعابية، بما في ذلك المديرون الأقوياء والمعلمون الواثقون المستعدّون للابتكار. ومع ذلك غالباً ما يتم تجاهل الأمور التي تبدو تافهة أو يُستهان بها، مثل الصيانة والإصلاح.
إتاحة منفذ إلى التكنولوجيا: الإنصاف والكفاءة والاستدامة
لوصول إلى الكهرباء والأجهزة غير متساوٍ للغاية بين البلدان وداخلها. في عام 2021 ، افتقر 9% تقريباً من سكان العالم وأكثر من 70 % من سكان المناطق الريفية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى الحصول على الكهرباء. وعلى الصعيد العالمي، تفتقر مدرسة واحدة من بين كل أربع مدارس ابتدائية إلى الكهرباء. وخلصت دراسة أجُريَت في عام 2018 في كمبوديا وإثيوبيا وكينيا وميانمار ونيبال والنيجر إلى أنَّ 31 % من المدارس العامة كانت متصلة بالشبكة وأنَّ 9% منها لم تكن متصلة بالشبكة ، ولم يحظَ سوى 16 % منها فقط على الكهرباء من دون انقطاع. وعلى الصعيد العالمي، امتلك 46 % من الأسَُر جهازَ حاسوب في المنزل في عام 2020 ؛ وبلغت نسبة المدارس التي لديها أجهزة حاسوب لأغراض تعليمية 47 % في المرحلة الابتدائية و 62 % في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي و 76 % في المرحلة العليا من التعليم الثانوي. وكان هناك ما لا يقل عن 10 أجهزة حاسوب لكل 100 طالب في البرازيل والمغرب مقارنة ب 160 جهاز حاسوب لكل 100 طالب في لكسمبرغ، وفقاً لبرنامج التقييم الدولي للطلاب لعام 2018.
الوصول إلى الإنترنت غير متساوٍ أيضاً وهو يُعتبر حاسماً لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. في عام 2022 ، استخدم اثنان من بين كل ثلاثة أشخاص على مستوى العالم شبكة الإنترنت. وفي أواخر عام 2021 ، حظيَ 55 % من سكان العالم بإمكانية النفاذ إلى النطاق العريض المتنقل. وفي البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، كانت نسبة النساء اللواتي يستخدِمنَ الإنترنت عبر جهاز محمول أقل ب 16 % مقارنةً بالرجال في عام 2021 . ويقدَّر أنَّ 3.2 مليار شخص لا يستخدمون خدمات الإنترنت عبر جهاز محمول على الرغم من إمكانية نفاذهم إلى شبكة النطاق العريض المتنقل. وعلى الصعيد العالمي، تعتبر 40 % من المدارس الابتدائية، و 50 % من مدارس المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي و 65 % من مدارس المرحلة العليا من التعليم الثانوي متصلة بالإنترنت. وفي الهند، تعتبر %53 من المدارس الخاصة غير المدعومة و 44 % من المدارس الخاصة المدعومة متصلة بالإنترنت، مقارنة ب 14 % فقط من المدارس الحكومية.
تُستخدَم سياسات مختلفة لتحسين الوصول إلى الأجهزة. ويعمد بلدٌ واحد من بين كل خمسة بلدان إلى تطبيق سياسات تمنح دعماً أو خصومات في ما يتعلق بشراء الأجهزة. وأنُشِئتَ برامج التكنولوجيا الفردية في 30 % من البلدان في السابق؛ ولكن 15 % فقط من هذه البلدان تطبّق هذه البرامج حالياً. وينتقل عددٌ من البلدان متوسطة الدخل من الشريحة العليا والبلدان المرتفعة الدخل إلى السماح للطلاب باستخدام أجهزتهم الشخصية في المدرسة. وتبنَّت جامايكا إطارا سياسيا بعنوان “اجلِب جهازك الشخصي” ) Bring Your Own Device ( في عام 2020 بهدف تحقيق الاستدامة.
تدعم بعض البلدان البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر. ويمكن للمؤسسات التعليمية التي تمتلك بنيةً أساسية معقدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل الجامعات، أن تستفيدَ من برامج مفتوحة المصدر تمكّنها من إضافة حلول أو وظائف جديدة. وعلى النقيض من ذلك، لا تسمح البرامج الاحتكارية بالمشاركة وتفرض قيوداً على الموردين بحيث تعرقل قابلية التشغيل البيني والتبادل وإجراء التحديثات. وفي الهند، تنصُّ الخطة الوطنية للحوكمة الإلكترونية على ضرورة تصميم جميع تطبيقات وخدمات البرامج المستخدمة في الحكومة بالاستناد إلى برامج مفتوحة المصدر من أجل تحقيق الكفاءة والشفافية والموثوقية ويُسر التكلفة.
تلتزم البلدان بتوفير الإنترنت للجميع في المنزل والمدرسة. ويطبّق حوالي %85 من البلدان سياسات لتحسين قدرة المدارس أو المتعلّمين على الاتصال، وقد اعتمد 38 % من البلدان قوانين بشأن توفير الإنترنت للجميع. وخلص استعراضٌ تناول 72 من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل إلى أنَّ 29 بلداً قد استخدم الأموال المخصَّصة لتوفير خدمة الإنترنت للجميع من أجل خفض التكاليف بالنسبة للفئات المحرومة. وفي قيرغيزستان، ساعدت العقود التي أُعيد التفاوض عليها في خفض الأسعار بمقدار النصف تقريباً، ورفعت سرعة الإنترنت إلى الضعف تقريباً. وفي كوستاريكا، ساعد برنامج “الأسر المعيشية المتصلة بالإنترنت” ) Hogares Conectados ( الذي دعم تكلفة الإنترنت بالنسبة لأفقر 60 % من الأُسَر المعيشية التي لديها أطفال في السنّ المدرسية، في تقليل نسبة الأُسَر غير المتصلة بالإنترنت مِن 41 % في عام 2016 إلى 13 % في عام 2019 . وتم توفير الوصول الصفري أو المجاني إلى الإنترنت لأغراض التعليم أو لأغراض أخرى، خاصةً في خضم جائحة كوفيد- 19 ، ولكن هذا الأمر لم يخلُ من المشاكل إذ ينتهك مبدأ حيادية الشبكة.
غالباً ما تُستخدَم تكنولوجيا التعليم بشكل غير كافٍ. وفي الولايات المتحدة، لم يتم استخدام في المتوسط 67 % من تراخيص برامج التعليم ولم يتم استخدام %98 منها بشكل مكثف. ووفقاً لمشروع EdTech Genome ، فمن أصل حوالي 7,000 أداة تربوية بلغت تكلفتها 13 مليار دولار أمريكي، كانت %85 منها “إمّا غير ملائمة أو تم تنفيذها بشكل غير صحيح”. وفي الولايات المتحدة، تستوفي شروط قانون “كل طالب ينجح” ) Every Student Succeeds ( أقل من أداة واحدة من بين كل خمس أدوات مُدرَجة ضمن أفضل 100 أداة للتكنولوجيا في مجال التعليم ومُستخدَمة في الفصول الدراسية. ونشُِرت بحوثٌ تناولت 39 % من هذه الأدوات، إلا أنَّ هذه البحوث جاءت متوافقة مع القانون في 26 % فقط من الحالات. ينبغي أن تكون القرارات المتعلقة بالتكنولوجيا في مجال التعليم مستنِدة إلى الأدلة. وأشار استعراضٌ أجُرِيَ في المملكة المتحدة إلى أنَّ 7% فقط من الشركات المعنية بالتكنولوجيا في مجال التعليم قد أجرَت تجاربَ عشوائية مضبوطة، واستخدم 12 % منها شهادات صادرة مِن قِبل أطراف ثالثة، وانخرط 18 % منها في دراسات أكاديمية. وأظهرت دراسة استقصائية إلكترونية تناولت المعلمين والإداريين في 17 ولاية أمريكية أنَّ 11 % فقط طلبوا أدلة مُحكَّمة قبل تبني التكنولوجيا في مجال التعليم. وتؤثر التوصيات على قرارات الشراء، غير أنَّه يمكن التلاعب بالتقييمات من خلال الاستعراضات المزيَّفة التي تنُشَر على وسائل التواصل الاجتماعي. وتسعى القليل من الحكومات إلى سدّ الفجوة في الأدلّة، وهو ما أدّى إلى زيادة الطلب على الاستعراضات المستقلة. أمّا شراكة “إيد تيك تولنا” ) ،)Edtech Tulna وهي شراكة بين مؤسسة فكرية خاصة وجامعة حكومية في الهند، فتقدّم معاييرَ الجودة ومجموعة أدوات التقييم وتعرض استعراضات الخبراء المتاحة للجمهور.
يجب أن تتُخّذ قرارات شراء وسائل التكنولوجيا في مجال التعليم مع مراعاة الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وفي ما يتعلق بالاعتبارات الاقتصادية، تشير التقديرات إلى أنَّ الاستثمار الأوَّلي في التكنولوجيا في مجال التعليم يمثل 25 % فقط أو أقل من التكلفة الإجمالية النهائية. وفي ما يتعلق بالشواغل الاجتماعية، يجب أن تجري عمليات الشراء مع مراعاة الإنصاف وإمكانية الوصول والمسؤولية المحلية والاعتمادات. وفي فرنسا، تعرَّضت مبادرة “الأقاليم التعليمية الرقمية” ) Territoires Numériques Educatifs ( للانتقاد نظراً إلى أنَّ المعدات المدعومة لم تلبِّ بمجملها الاحتياجات المحلية، واستبُعِدَت الحكومات المحلية من قرارات شراء المعدات. وقد تمت معالجة هاتَين القضيَّتَين منذ ذلك الحين. أمّا بالنسبة للاعتبارات البيئية، يُقدَّر بأنَّ تمديد فترة عمر جميع أجهزة الحاسوب المحمول في الاتحاد الأوروبي لمدة عامٍ واحد سيوفر، من حيث تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يعادل التخلص من حوالي مليون سيارة على الطرق
عند شراء وسائل التكنولوجيا الخاصة بمجال التعليم، ينبغي أن تتصدّى الأنظمة للمخاطر ذات الصلة. تُعتبر المشتريات الحكومية عُرضةً للتواطؤ والفساد. وفي عام 2019 ، اكتشفَ المراقب العام للاتحاد البرازيلي وجودَ مخالفاتٍ في عملية تقديم العطاءات الإلكترونية لشراء 1.3 مليون جهاز حاسوب مكتبي ومحمول ودفتري للمدارس العامة الحكومية والبلدية. ومن بين السُّبُل التي يمكن من خلالها تذليل بعض المخاطر أن تعمدَ الحكومات المحلية إلى تطبيق اللامركزية في المشتريات العامة. واستخدمت إندونيسيا منصة التجارة الإلكترونية SIPLah من أجل دعم عملية المشتريات على مستوى المدرسة. ولكن تجدر الإشارة إلى تأثرُّ اللامركزية بالقدرات تنظيمية ضعيفة. وخلصت دراسةٌ استقصائية تناولت المسؤولين في 54 منطقة تعليمية أمريكية أنهم نادرا ما يجرون تقييم الاحتياجات.
الحوكمة والتنظيم
تبدو حوكمة نُظُم التكنولوجيا في مجال التعليم مجزأة. وتم تعيين إدارة أو وكالة مسؤولة عن تكنولوجيا التعليم في 82 % من البلدان. وإنَّ تكليف وزارات التعليم بوضع استراتيجيات وخطط للتكنولوجيا في مجال التعليم قد يساهم في ضمان اتخّاذ قرارات مستنِدة في المقام الأوَّل إلى المبادئ التربوية. ومع ذلك، ينطبق هذا الحال في 58 % فقط من البلدان. وفي كينيا، أدَّت “السياسة الوطنية للمعلومات والاتصالات والتكنولوجيا” لعام 2019 إلى قيام وزارة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا بدمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مستويات التعليم كافة.
غالباً ما تبدو المشاركة محدودة في تطوير التكنولوجيا الخاصة بمجال التعليم. وأنشأت نيبال “لجنة التوجيه والتنسيق بموجب الخطة الرئيسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال التعليم لعام 2013 – 17 ” بغرض التنسيق والتعاون بين القطاعات والوكالات في تنفيذها. وإنَّ إشراك الإداريين والمعلمين والطلاب قد يساعد في سدّ فجوة المعرفة مع صنّاع القرار ويكفل القيام بخيارات ملائمة لاعتماد التكنولوجيا في مجال التعليم. وفي عام 2022 ، وافق 41 % فقط من قادة قطاع التعليم في الولايات المتحدة على أنَّهم كانوا يشاركون بانتظام في التخطيط والمحادثات الاستراتيجية حول التكنولوجيا.
يمكن أن تتعارض المصالح التجارية للقطاع الخاص مع أهداف الحكومة في ما يتعلق بالإنصاف والجودة والكفاءة. وفي الهند، حذّرت الحكومةُ الأُسَرَ من التكاليف الخفية المترتبة على المحتوى الشبكي المجاني. أمّا المخاطر الأخرى فهي مرتبطة باستخدام البيانات وحمايتها، والخصوصية، وقابلية التشغيل البيني، وتأثيرات الإغلاق، حيث يضطر الطلاب والمعلمون إلى استخدام برامج أو منصات محددة. وتقوم جوجل وآبل ومايكروسوفت بإنتاج منصات تعليمية مرتبطة بأجهزة ونُظُم تشغيل معيَّنة.
مخاطر الخصوصية التي تواجه الأطفال تجعل بيئتهم التعليمية غير آمنة. خلص أحد التحليلات إلى أنَّ 89 % من بين 163 منتجاً للتكنولوجيا في مجال التعليم الموصى بها لتعلّم الأطفال خلال جائحة كوفيد- 19 تستطيع أو قامت فعلا بمراقبة الأطفال خارج ساعات المدرسة أو بيئات التعليم. وبالإضافة إلى ذلك، شجعت 39 من أصل 42 حكومة تقدِّم التعليم عبر الإنترنت خلال الجائحة على استخدامات “تعرِّض حقوق الأطفال للخطر أو تنتهكها”. وإنَّ البيانات المُستخدَمة في الخوارزميات التنبؤية قد تجعل التنبؤات والقرارات منحازة وقد تؤدي إلى التمييز وانتهاكات الخصوصية واستبعاد الفئات المحرومة. واستحدثت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين ووزارة التعليم لوائح في عام 2019 تتطلب موافقة الوالدين قبل استخدام الأجهزة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل الكاميرات والشرائح الرأسية، من قبل الطلاب في المدارس واشترطت تشفير البيانات.
يمتدّ الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشة. في دراسةٍ استقصائية تناولت الوقت الذي يقُضى أمام الشاشة وأجُريَت بالتعاون مع أولياء أمور الأطفال في الشريحة العمرية من 3 إلى 8 سنوات في أستراليا والصين وإيطاليا والسويد والولايات المتحدة، تبيّن أنَّ تعرّض أطفالهم للشاشة ازداد بمقدار 50 دقيقة خلال الجائحة من أجل التعليم والترفيه. وإنَّ قضاء وقت طويل أمام الشاشة قد يؤثر سلباً على ضبط النفس والاستقرار العاطفي، ممّا يزيد من القلق والاكتئاب. ويطبِّق عددٌ قليل من البلدان قوانين صارمة في ما يتعلق بالوقت الذي يقُضى أمام الشاشة. ففي الصين، فرضت وزارة التعليم قيودا على استخدام الأجهزة الرقمية كأدوات تعليمية وحدّدته بنسبة 30 % من إجمالي وقت التدريس. ويقوم أقل من بلد واحد من بين كل أربعة بلدان بحظر استخدام الهواتف الذكية في المدارس. وحظرت إيطاليا والولايات المتحدة استخدامَ أدوات محددة أو وسائل التواصل الاجتماعي في المدارس. ونادرا ما يعرَّف التنمر السيبراني والإيذاء عبر الإنترنت بوصفهما كجريمة، غير أنَّه يمكن إدراجهما ضمن القوانين القائمة مثل قوانين المطاردة السيبرانية في أستراليا وقوانين التحرش في إندونيسيا.
لا بد من رصد عملية تنفيذ قانون حماية البيانات. وتكفل 16 % من البلدان خصوصيةَ البيانات بشكلٍ صريح في التعليم بموجب القانون، وتعتمد %29 منها سياسة ذات صلة، لا سيَّما في أوروبا وأمريكا الشمالية. ويزداد عدد الهجمات السيبرانية على التعليم. وتزيد هذه الهجمات من احتمالية سرقة الهوية وغيرها من البيانات الشخصية، غير أنَّ القدرة والموارد اللازمة لمعالجة هذه المشكلة غالباً ما تكون غير كافية. وعلى الصعيد العالمي، استهدفت 5% من جميع هجمات برمجيات انتزاع الفدية قطاعَ التعليم في عام 2022 ، وهو ما يمثل أكثر من 30 % من انتهاكات الأمن السيبراني. ويبدو أنَّ القوانين المتعلقة بمشاركة المعلومات الشخصية الخاصة بالأطفال قليلة، إلا أنَّها بدأت تظهر في إطار القانون العام لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي. وتطبِّق الصين واليابان أدوات مُلزِمة لحماية بيانات الأطفال والمعلومات.
المعلمون
تدعم نُظُم التعليم المعلمين في تطوير الكفاءات المهنية المتعلقة بالتكنولوجيا. وفي جميع أنحاء العالم، تطبّق نظم التعليم تقريباً معايير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخاصة بالمعلمين ضمن إطار الكفاءات أو إطار تدريب المعلمين أو خطة أو استراتيجية للتنمية. وتخصِّص نُظُم التعليم أيامَ التعليم الرقمي السنوية للمعلمين، وتروّج للموارد التعليمية المفتوحة، وتدعم تبادل الخبرات والموارد بين المعلمين، وتقدم التدريب. ولدى ربع نظم التعليم تشريعات تكفل تدريبَ المعلمين على التكنولوجيا، إما من خلال التدريب الأولي أو أثناء العمل. وتتبنى حوالي 84 % من نظم التعليم استراتيجيات للتطوير المهني للمعلمين أثناء العمل، مقارنةً ب 72 % لإعداد المعلمين قبل العمل في مجال التكنولوجيا. ويمكن للمعلمين تحديدَ احتياجاتهم التنموية باستخدام أدوات التقييم الذاتي الرقمي مثل تلك التي يقدّمها “مركز الابتكار في التعليم البرازيلي”.
تغيّر التكنولوجيا تدريبَ المعلمين. وتُستخدَم التكنولوجيا في تهيئة بيئات تعلُّم مَرِنة، وإشراك المعلمين في التعلّم التعاوني، ودعم التدريب والتوجيه، وزيادة الممارسة التفكيرية، وتحسين المعارف الموضوعية أو التربوية. وقد عزَّزت برامج التعليم عن بُعد إعدادَ المعلمين في جنوب أفريقيا، حتى أنَّها أصبحت موازية لمستوى التأثير الناجم عن التدريب الحضوري في غانا. وظهرت المجتمعات الافتراضية في المقام الأوَّل من خلال الشبكات الاجتماعية، من أجل التواصل وتبادل الموارد. وينتمي حوالي 80 % من المعلمين الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية في منطقة البحر الكاريبي إلى مجموعات مهنية على تطبيق “واتس آب” ) WhatsApp (، ويستخدم 44 % منهم الرسائل الفورية للتعاون المشترك مرة واحدة أسبوعيا على الأقل. وفي السنغال، استخدم برنامج القراءة للجميع التدريبَ الحضوري والإلكتروني. واعتبر المعلمون أنَّ التدريب وجهاً لوجه أكثر فائدة، غير أنَّ التدريب عبر الإنترنت أقل تكلفة بنسبة 83 % وما زال يحقق تحسناً كبيراً، وإن كان قليلاً، في الطريقة التي يوجِّه بها المعلمون الطلاب من أجل التمرُّن على القراءة. وفي فلاندرز، بلجيكا، قامت شبكة KlasCement الخاصة بمجتمع المعلمين وهي شبكة أنشأتها منظمة غير ربحية وتديرها الآن وزارة التعليم، بتوسيع نطاق الوصول إلى التعليم الرقمي وتوفير منصة لإجراء المناقشات المتعلقة بالتعليم عن بُعد في أثناء الجائحة.
العديد من الجهات الفاعلة تدعم التطوير المهني للمعلمين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتوفر الجامعات ومؤسسات تدريب المعلمين ومعاهد البحث التدريبَ المتخصّص وفرص البحث والشراكات مع المدارس في ما يتعلق بالتطوير المهني في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي رواندا، تعاونت الجامعات مع المعلمين والحكومة من أجل إعداد دورة أساسيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمعلمين. كما تدعو نقابات المعلمين إلى سياسات تدعم المعلمين. وأرسى اتحاد العاملين في مجال التعليم في الجمهورية الأرجنتينية حقَّ المعلمين في عدم الاتصال بالإنترنت. وتقدِّم منظمات المجتمع المدني، بما فيها منظمة Carey Institute for Global Good الدعمَ من خلال مبادرات مثل توفير الموارد التعليمية المفتوحة والدورات الإلكترونية لمعلمي اللاجئين في تشاد وكينيا ولبنان والنيجر.

اعتمادات الصورة: الفصل 1: UNICEF/Rutherford الفصل 2: UNICEF/Sokol الفصل 3: UNICEF/Georgiev الفصل 4: UNICEF/Dejongh الفصل 5: UNICEF/Karimova الفصل 6: UNICEF/Marish الفصل 7: UNICEF/Le Vu الفصل 8: UNICEF/Paul الفصل 9: UNICEF/Filippov